وداع رمضان
تخيلوا معي كيف انقضى رمضان بسرعة فائقة، وتمضي الأيام بنا بنفس السرعة وننتظر رمضان القادم، ان جعلنا الله من الأحياء، وهكذا تنقضي ساعات العمر في لحظات وتمر الأيام دون ان نشعر بسرعتها ونشعر بالندم على اللحظات الفائتة اذا لم نعشها بمشاعرنا ونحس بكل ما حولنا من جمال، لكوننا فقدنا الحس بالفرح ولا نعتقد من الحكمة ان نجعل الأيام تمر ونحن نحمل الشكوى معنا والهم والغم حيث لا حياة دون الم ولا سعادة دون حزن. نعود بالذاكرة الى الوراء لنحصي الأيام الجميلة حيث هي ملجأنا، ونشعر بالحنين للعودة لها، وكلما عشنا حياتنا بصدق تبقى معنا لتخفف عنا حدة الألم، وليس هناك أجمل من ان نصدق مع انفسنا قبل ان نصدق مع الآخرين.
لو حسبنا كم من أحزان وأوجاع نمر بها في مجتمعاتنا لضاقت مساحة الفرح حيث هي كثيرة وليست في الكويت، بل هي في محيطنا العربي الذي تعود اعادة انتاج الألم، فدعونا نسقط تلك الأيام من حساباتنا ونبعدها عن ذاكرتنا ونرمي بها بعيدا عنا حيث هي جزء من حياتنا لو فكرنا فيها ستجلب المزيد لنا من الحزن. نحن من يحكم قدرنا ونحن من يسير حياته ونحن من يختار ويقرر خياراته، فدعونا نتعلم ونتعود ان الشكوى المستمرة لا نهاية لها والتذمر الدائم يظلل العين ويعمي البصيرة ويحبسنا في قفص الألم ويدخلنا الى عالم الوحشة والتوحش، فما مضى هو بحكم الماضي ولا نملك ان نصحح أحداثه وتفكيرنا فيه لن يجدي ولن يغير من الحقيقة لذا ليس أمامنا الا الايمان بان الحياة خليط من هذا وذاك واننا نملك خيارات جميلة ولو فتحنا عيوننا على كل ما هو جميل في حياتنا، فكل يوم تشرق الشمس اشراقة جديدة تحمل معها نسمات جديدة فلا نحاصرها بخبراتنا المؤلمة. النفس البشرية تتعب وتكل وتحتاج الى التجديد والتنفيس وعلينا ان نراعي حقوقها علينا و نؤمن باننا مجموعة من الأحاسيس بحاجة الى عناية كما نعتني بمقتنياتنا الخاصة.
هل يملك الانسان ان يحكم مشاعره؟ اعتقد هي عملية صعبة والسهل فيها اننا نرددها كوسيلة للخروج من مذاق الألم والخبرة الحزينة، ولكن هي سهلة كذلك اذا ما آمنا اننا نتعرض لأحداث مختلفة ونقبل حقيقة فلسفة الحياة، فهي شقاء كما هي جمال وراحة وهي خليط من المشاعر وربما ما يؤلمنا هو اهتزاز توقعاتنا حيث قد نرتبط بعلاقات انسانية جميلة وبطموحات مختلفة لدائرة الأحباب سواء في الأسرة او الصداقة وفجأة نكتشف وهم التوقعات التي بمخيلتنا وهنا يكون الألم مضاعفا ، فهذه المواقف هي من أصعب المواقف التي تؤثر في مسار الحياة وتبقى جروحها تدمي وتخرج بين الحين والأخر لتؤرق حياتنا. وعلى الرغم من قسوتها فهي حدثت لسبب من الأسباب، الا ان هناك خبرات جميلة وعلاقات انسانية دافئة تمدنا بالصدق والبراءة ، فهذه الخبرات هي التي يجب استرجاعها وان نرويها لأبنائنا وأحبائنا لكي يعلموا ان الحياة بها الصالح والطالح ويجب الا ينساق المرء وراء المظاهر ويمنح الثقة لمن لا يستحقها. فدعونا لا نتذكر تلك الأوقات التي بعثرناها دون معنى ونخرجها من دفتر الذكريات ونبتسم مع اشراق كل يوم جديد ونتذكر القول: لو خليت خربت.. فمهما ساءت الظروف فهناك دائما الأمل يخرج لنا من خرم إبرة.
وعلى المحبة نلتقي..تقبل الله طاعتكم وصيامكم وقيامك يارب .. الله يجعلنا من العتاقين من النار ..الله يارب يعيده علينا اعوام واعوام يارب .. امين
تقبلوا فائق تحياتي