www.mohammad.com
أبو أيوب الأنصاري 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا أبو أيوب الأنصاري 829894
ادارة المنتدي أبو أيوب الأنصاري 103798
www.mohammad.com
أبو أيوب الأنصاري 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا أبو أيوب الأنصاري 829894
ادارة المنتدي أبو أيوب الأنصاري 103798
www.mohammad.com
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

www.mohammad.com

منتدى اجيال المستقبل
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أبو أيوب الأنصاري

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
النسر الابيض
عضو نشيط
عضو نشيط
النسر الابيض


عدد المساهمات : 19
الشهرة : 6
تاريخ التسجيل : 11/08/2009
العمر : 27

أبو أيوب الأنصاري Empty
مُساهمةموضوع: أبو أيوب الأنصاري   أبو أيوب الأنصاري I_icon_minitimeالخميس سبتمبر 17, 2009 5:23 pm

[color=green] مرحبا[/color]




بِسْمِ الله الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ


الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً و أرنا الحق حقاً و ارزقنا إتباعه ، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

أيها الأخوة الأكارم :

مع الدرس الرابع عشر من دروس سيرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضوان الله عليهم أجمعين وصحابيّ اليوم سيدنا : أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه .

أول شيءٍ أحب أن أضعه بين أيديكم في هذا الدرس هو أنك إذا ذهبت إلى الحج ، ورأيت مائتي ألف من الحجاج الأتراك ، وكلهم يبتهلون إلى الله ، ويدعون الله ، فإنهم في صحيفة هؤلاء الصحابة الكرام الذين خرجوا من مكة المكرمة ، ومن المدينة المنورة ، لينشروا هذا الدين في الآفاق .

وسيدنا أبو أيوب الأنصاري أحد هؤلاء الصحابة الذين وصلوا إلى أقاصي الشمال ، ودفن عند أسوار القسطنطينية . فهو الآن مدفون في أحد أحياء استنبول ، أسوار القسطنطينية حينما اتسعت استنبول شملت قبره رضي الله عنه وأرضاه . على كلٍ الإنسان يعمل في الحياة الدنيا أعمالاً كثيرة ، لكن أرقى عمل له حينما ينشر الحق ، أرقى عمل يعمله الإنسان حينما يسمح الله له أن ينشر الحق بين الناس ، ومع نشر الحق هناك جهاد في سبيل الله .

هذا الصحابي الجليل له قصة مثيرة جداً مع رسول الله صلى الله عليه . على كلٍ هو آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يأتي إلى المدينة مهاجراً ، فهو من الرعيل الأول الذين بايعوا النبي في بيعة العقبة الثانية ولكن من خلال هذه القصة تجدون العلاقة بين أصحاب رسول الله وبين رسول الله علاقة فريدة من نوعها ، وإن شاء الله سأقف وقفة عندها، و عند كل نقطة من سيرة هذا الصحابي الجليل .

و الوقائع التي سأسردها لكم ربما سردت من قبل ، قبل عشر سنوات ، أو ربما قرأتموها في كتاب ، والتركيز في هذه الدروس لا على الوقائع بل على التحليل ، والتركيز في هذه الدروس لا على التحليل فحسب ، بل على ربط هذه الوقائع وذاك التحليل بحياتنا اليومية .

يعني أنت أيها الإنسان .. ما شأنك بهذه القصة ؟..

ماذا تستفيد منها ؟.. ماذا تستنبط منها ؟.. ما الدروس البليغة التي يمكن أن تأخذها ؟..

بل وأرقى من ذلك ، اسأل نفسك بعد حين ... ما المواقف التي وقفتها اقتداء بهذا الصحابي الجليل ؟.. ماذا أفادني هذا الصحابي الجليل ؟.. ماذا علمني هذا الصحابي الجليل ؟.. هل قلدته ؟ هل اتبعت خطاه ؟.. لقد رضي الله عن أصحاب رسول الله ، فإذا قلت في حديثك عن

أصحاب رسول الله رضي الله عنهم ، فهذا ليس دعاء ، لكنه تقرير ، وفرق كبير بين الدعاء والتقرير ، أنت إذا ذكرت الإمام أبا حنيفة تقول رضي الله عنه ، لكن قولك هذا : دعاء ، وإن ذكرت رجلاً عالماً ، جليلاً ، مستقيماً ، عاملاً ، تقول رضي الله عنه ، لكن هذه رضي الله عنه غير تلك ، فهذه دعائية ، أما إذا ذكرت أصحاب رسول الله رضوان الله عليهم تقول رضي الله عنه تقريراً ، وأنت في هذا لا تتألى على الله ، ولكن تقول ما قال الله ، ألم يقل الله عز وجل :



أبو أيوب الأنصاري Image001

ويا أخي الكريم هل من مرتبة على وجه الأرض أعلى من أن يرضى عنك خالق الكون ؟ من أن تشعر أنك في رضاه ؟ من أن تشعر أنه يحبك ؟ أنه يحفظك ؟ أنه يوفقك ؟
أبو أيوب الأنصاري Image002
كما قال الله عز وجل ، مخاطباً النبي عليه الصلاة والسلام وقد قال بعض علماء التفسير ، إن لكل مؤمنٍ من هذه الآية نصيب بقدر إيمانه وإخلاصه واستقامته .

أولاً : النبي عليه الصلاة والسلام ، حينما بلغ المدينة تلقته أفئدة أهلها بأكرم ما يتلقى بها وافد، تطلعت إليه عيونهم ، تبثه شوق الحبيب إلى حبيبه ، وهنا وقفة .

أيها الأخوة الأكارم :

الإنسان له قالب وله قلب ، بالقوة تملك القالب ، إذا كنت قوياً بإمكانك أن تخضع الناس جمعياً لمشيئتك ، بإمكانك أن تجعلهم يقولون أية كلمة تريدها بإمكانك أن تحملهم على أي موقف ،أي إنك ملكت قوالبهم ، ملكت أجسامهم ، ملكت رقابهم ، ملكت عضلاتهم ، ملكت ألسنتهم ، ملكت حركاتهم ، ملكت سكناتهم ، إنك بالقوة تملك القالب فالبطولة ليس أن تملك رقاب الناس بالقوة ، لكن بطولة الأنبياء أنهم كانون من أضعف خلق الله .

ألم يقل النبي عليه الصلاة والسلام في الطائف ، اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، يا رب المستضعفين ، إلى من تكلني ، إلى صديق يتجهمني ، أم إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ، ولك العتبى حتى ترضى ، لكن عافيتك أوسع لي . شاءت حكمة الله أن يكون معظم أنبيائه ضعفاء ، كأي شخصٍ عادي

بل إن قومه اتهموه بالجنون وبغيره ، وقالوا :

أبو أيوب الأنصاري Image003
يتهمه الكافر الضال بالسحر ، يتهمه بأنه كاهن ، يتهمه بأنه شاعر ، تتهمه بأنه تأتيه بعض الرؤى الشيطانية ، هذا الذي يتهمه ينام في بيته ناعم البال ، مطمئناً ، كيف تتهم النبي بأنه مجنون ، وتنام في البيت ناعم البال ، لأنه ضعيف ، لو كان قوياً لما أمكنك أن تتهمه هذا الاتهام ، ولما نجوت من عقابه ، إذاً فقد شاءت حكمة الله أن يكون النبي ضعيفاً لكن بكماله ملك القلوب .

الإنسان قلب وقالب ، الأقوياء يملكون القالب ، الجسم ، اللسان الحركات ، السكنات ، مشيئتهم نافذة لأنهم أقوياء ، لكن الأنبياء ملكوا القلوب ، هذه البطولة :

البطولة أن يحبك الناس حباً حقيقياً . البطولة أن تهفو قلوب الناس إليك . البطولة أن تشعر أنهم يؤثرونك على أنفسهم ، ولو كان بهم خصاصة . البطولة أن يميل القلب ميلاً حقيقياً إليك

النبي عليه الصلاة والسلام أحبه أصحابه حباً يفوق حدّ الخيال .

ألم تسمعوا حينما سأل أبو سفيان خبيب بن عدي ، قال له قبل أن يصلب ، قبل أن يقتل .

قال يا خبيب : أتحب أن يكون محمد مكانك ، وأنت سليم معافى في أهلك ؟

الآن تقول العوام : " ألف أم تبكي ولا أمي ، مين ما أخذ أمي فهو عمي " قال له :

أتحب أن يكون محمد مكانك ؟ يقولون : أن سيدنا خبيباً انتفض ، كما ينتفض العصفور المذبوح . قال : لا والله ، لا أحب أن أكون في أهلي وولدي .

كشخص قاعد في بيته ، تدفئة مركزية ، وفي غرفة الجلوس ، فيها الفراش وثير ، الأرائك مريحة ، السجاد نوع ثمين ، المناظر الطبيعية ، زوجته قاعدة أمامه متزينة ، أولاده ، بناته الصغار . قال له :

والله لا أحب أن أكون في أهلي وولدي ، وعندي عافية الدنيا ونعيمها العافية غير النعيم .

النعيم : باقة ورد .. النعيم : أشياء طيبة ، ما لذّ وطاب من الطعام والشراب والمناظر الجميلة ، والروائح العبقة .

قال له : والله لا أحب أن أكون في أهلي وولدي ، وعندي عافية الدنيا ونعيمها ويصاب رسول الله بشوكة .

والله ما كان كاذباً ، والله كان صادقاً ، هذا الحب ، الذي يفتقده المسلمون اليوم ، الثقافة موجودة ، معلومات ، أشرطة ، كتب ، مجلات أما هذا الحب الذي هز قلوب أصحاب رسول الله ، فجعلهم يؤثرون طاعة الله عز وجل على كل شيء ، هذا الذي نرجو أن نصل إليه ، أو هذا الذي نرجو أن نسعى إليه .

هؤلاء الأنصار الذين آمنوا بالنبي قبل أن يروه ، وحينما جاء النبي إليهم ، عبروا عن حبهم تعبيراً غريباً ، عبروا عن شوقهم ، عبروا عن وفائهم عبروا عن إخلاصهم ، فتحوا له قلوبهم ليحل منها في السويداء ، اشرعوا له أبواب بيوتهم لينزل فيها أعز منزل .

فكل صحابي ، بل كل أنصاري ، كان حلمه الأعظم أن ينزل النبي ضيفاً عنده ، فهذا شرف ما بعده شرف ، هذا مقام ما بعده مقام ، لأنّ النبي سيد الأنبياء ، سيد الرسل ، الإنسان الكامل، قمة البشر ، يأتيه ضيفاً ، ويقيم عنده ضيفاً في بيته مكرماً معززاً ، فهذا شرف لا يُدانى .

النبي عليه الصلاة والسلام لحكمة بالغة يعرفها كتاب السيرة بقي في قباء أربعة أيام ، وبنى فيها مسجداً هو أول مسجد بني في الإسلام ، هذا المسجد أسس على تقوى .

فأحياناً تجد مسجداً أسس على تقوى ، الذي أسسه لا يبتغي سمعة ، ولا شهرة ، ولا مجداً ، ولا كسباً ، ولا شيئاً من هذا القبيل ، والذي يدرس فيه والذي يخطب فيه ، مخلصون لله سبحانه ، يجب أن تكون الدعوة إلى الله خالصة لوجهه الكريم و ألا تختلط بالدنيا ، ألا تشوبها شائبة ، ألا يوضع الدين في الوحل ، أن يبقى الدين في السماء ، أن يبقى الدين بعيداً عن المصالح ، عن الأهواء ، عن المنازعات ، عن المكاسب الدنيوية ، هذا هو الدين .

إن هذا الدين قد ارتضيته لنفسي ، ولا يصلحه إلا السخاء ، وحسن الخلق فأكرموه بهما ما صحبتموه . أنت أيها المؤمن تمثل هذا الدين ، إياك أن تكذب ، إياك أن تخون ، إياك أن تغش الناس ، إياك أن تخلف وعدك معهم . من عامل الناس فلم يظلمهم ، وحدثهم فلم يكذبهم ، ووعدهم فلم يخلفهم فهو ممن كملت مروءته ، وظهرت عدالته ، ووجبت أخوته ، وحرمت غيبته . أنت سفير ، كل واحد منكم سفير الإسلام ، لأقربائهِ ، وجيرانه وزملائه في العمل ، هذا صاحب دين ، تحت المجهر ، الأضواء كلها مسلطة عليه ، أصغر ذنبٍ يفعله يكبره الناس، فلان فعمل كذا وكذا ، ويقولون صاحب الدين ؟ أنت حينما أعلنت أنك مسلم ، أو حينما اتبعت منهج الإسلام ، أو حينما عرف الناس أن لك خلفية دينية ، أو حينما اتجهت اتجاهاً إسلامياً ، فأنت الآن تحت المراقبة ، تحت المراقبة بالتلسكوبات التلسكوب يقرب البعيد والميكروسكوب يكبر الصغير ، تحت المراقبة الشديدة ، فإياك أن تسيء لدينك .

أنت على ثغرة من ثغر الإسلام ، فلا يؤتين من قبلك .

دقق أنت حينما عرف الناس أنك مسلم ، إذا أخطأت معهم ليتهم يتهمونك . لا . والله ، هم يتشفون ، ويتهمون دينك ، لا يتهمونك ، بل يتهمون إسلامك .

فهذا المسجد الذي أسسه النبي عليه الصلاة والسلام ، أسسه على تقوى ، وهو أول مسجد في الإسلام ، وإذا كتب الله لكم وزرتم مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وزرتم مسجد قباء، ترون أن هذا المسجد فيه روحانية عجيبة .

وبعد أن قضى النبي الكريم في قباء أربعة أيام ركب ناقته وتوجه تلقاء يثرب طبعاً بين يثرب وبين قباء ، يعني مسير ربع ساعة أو ثلث ساعة تقريباً .

أنا في أول عمرة أكرمني الله بها ذهبت إلى هذا المسجد ، مسجد قباء وأمامه في ساحة ، وفي وسط هذه الساحة ، نصب عمود وفوق العمود كرة من البلور مكتوب عليها طلع البدر علينا، فو الله الذي لا إله إلا هو ، سمعت هذا النشيد بالشام ، عشرات ، بل مئات بل ما يقترب من ألوف المرات ، لكن ما شعرت بنشوة ، ولا هزة انفعالية إلا حينما رأيت المكان الذي وقف فيه أصحاب النبي يستقبلونه عليه الصلاة والسلام ، في هذا المكان وقفوا واستقبلوه ، وقالوا طلع البدر علينا من ثنيات الوداع . فكان أصحاب رسول الله ، الأنصار يعترضون الناقة ، ناقة رسول الله في مسيرها ، ويقولون : أقم عندنا يا رسول الله ، أقم عندنا في العَدد ، والعُدد، والمنعة نحن أقوياء نحن رجال كثر ، وعندنا أسلحة كافية ، ونمنعك من عدوك أقم عندنا ، هذا عرض مغرٍ ، فيقول عليه الصلاة والسلام . في الحقيقة ؛ القيادة عمل فذ ، فليس كل إنسان يكون قائداً ، القائد عندما ينحاز لبعض الأطراف ويهمل بعضها الآخر ، فعندئذ يقع في مشكلة كبيرة ، من صفات النبي عليه الصلاة والسلام ، أنه ما من واحد من أصحابه دققوا ، إلا وهو يظن أنه أقرب الناس إليه ، فلو أنه أختار اللهم صل عليه بيتاً من البيوت تنشأ حساسيات ، وتنشأ غيرة بل أن النبي وقف موقف حكيم جداً فالحكمة هي أحد مستلزمات القيادة يجوز القيادة المادية إن لم يكن هناك حكمة أن تجوّز الأمور على الناس ويرضوا بها ، لكن القضية إذا كانت متعلقة بالدين ، والنبي أنحاز لجهة دون جهة فيتألم الآخرون لدرجة ، قد لا تحمد عواقبها ، لكن النبي عليه الصلاة والسلام وقف موقفاً في منتهى الحكمة ، فقال كلما أعترض هذه الناقة أسياد الأنصار وقالوا يا رسول الله أقم عندنا في العَدد ، والعُدد ، والمنعة ، يقول لهم : دعوها فإنها مأمورة ، اتركوها فإنها مأمورة .

فقد تنشأ مشكلة في البيت عندك أولاد تنازعوا على مكان في الغرفة فإذا قلت لفلان أجلس هنا، وللآخر اجلس هناك صارت لديهم حساسية . فالنبي الكريم علمنا القرعة ، القرعة ما لها مشكلة ، إذا جرى تنازع بين أفراد وهم بدرجة واحدة بالنسبة لك ، تحبهم جميعاً وتنازعوا على شيء ، كأن يكون لك أولاد وأنت مدعو إلى سهرة أو مدعو إلى عقد قران ، والأنسب أن تأخذ واحداً فقط ، واخترت واحداً وغيره أهملته تنشأ مشكلة ، فأقرع بينهم فالقرعة تطيب بها النفوس .

فالنبي الكريم حتى ما يؤثر بيتاً على بيتٍ ، وتنشأ حساسيات ناس ينكسرون و ناس يفتخرون ، قال دعوها فإنها مأمورة ، والناقة تمضي إلى غايتها تتبعها العيون وتحف بها القلوب ، ويقول القائلون هنيئاً لمن تقف عنده هذه الناقة ، فإذا اقتربت من منزل فرح أهله ، وإذا تجاوزته حزن أهله ، إذا قربت يا رب تقف هنا ، وإذا تجاوزت لا حول ولا قوة إلا بالله ، وما زالت هذه الناقة على حالها ، والناس يمضون في إثرها وهم يتلهفون شوقاً لمعرفة السعيد المحظوظ، حتى بلغت ساحة خلاء أمام بيت أبي أيوب الأنصاري .

وقبل أن تقف الناقة هناك راوية أخرى في كتاب آخر ، من كتب التاريخ والسيرة ، يوضح ويبين أنه حينما شعر عليه الصلاة والسلام أن هناك تنافساً شديداً ، وهناك حساسية بالغة وكل الأنصار يتمنون أن يقبع عندهم ، أطلق زمام الناقة ، لأنه لو كان ماسكاً الزمام فقد يكون تحركها بتوجيه من رسول الله ، ولو أمسك الزمام وشد الزمام ، وشده يمنة ، أو يسرة ، أو منعها لثارت شكوك ، حينما رأى الأمر بهذه الدرجة من الحساسية ، أطلق زمام الناقة ، ولم يثنها لا يمنة ولا يسرة ولم يستوقف خطاها ، وقال : أي : دعاء دعا به ـ قال : اللهم خر لي وأختر لي .

يعني أنت أحياناً تأخذ بكالوريا ، يا ترى أألتحق بكلية طب ، أو طب أسنان ، أو هندسة كيمياء، علوم ، حقوق ، شرعية ، أدب عربي ، ما لك ثقة بالله عز وجل ، لكن قل اللهم خر لي واختر لي ، جاءك عرضا عمل ، اللهم خر لي واختر لي ، فهذا موقف تعويضٍ لله ، وهذه حصافة حقاً . لذلك الآية الكريمة التي يقرؤها المؤمنون وتذوب نفوسهم بها
أبو أيوب الأنصاري Image004
يعني شاب اختار الله له زوجةً ، أو اختار له عملاً ،أو أختار له بيتاً فلما يدخل بكلمة لو ، لو فعلت كذا لكان كذا لو اخترت هذا لكان كذا ، فكلمة (لو) ممنوعة في قاموس المؤمن لأنها تفتح عمل الشيطان ، لا تقل لو أني فعلت كذا وكذا ، وقل قدر الله وما شاء فعل ، فإن كلمة لو تفتح عمل الشيطان أما المؤمن يقول : اللهم خر لي واختر لي ، والله شيء جميل الإنسان يطلب من الله أن يختار له ، خطب ثم خطب ثم خطب ، وأخيراً نصيبه فلانة انتهى ، فهذه هي نصيبنا ، فهو مطمئن ، أما غير المؤمن يقول : مسواقنا عاطل ، يدخل في متاهات ، يعمل موازنات ، أختها أحسن منها ، الله يصلحها أمي لو اختارت لي أختها ، لمَ تنظر لأختها؟ ما لك حق شوف أختها أساساً ، هذه مخالفة شرعية .

أن تنظر اللهم خر لي واختر لي ، شيء مهم جداً ، في عملك ، في زواجك ، في شراء البيت، في تربية أولادك ، اللهم خر لي واختر لي هكذا علمنا النبي عليه الصلاة والسلام ، فالله هو العليم ، هو الحكيم ، هو الرحيم ، هو الخبير ، أترك الأمر إليه ، اللهم خر لي واختر لي ، هذا من سنة النبي .

وما زالت الناقة على حالها مستمرة في مسيرها ، والناس يمضون في إثرها وهم يتلهفون شوقاً لمعرفة السعيد المحظوظ ، حتى بلغت ساحة خلاء أمام بيت أبي أيوب الأنصاري ، لكن النبي عليه الصلاة والسلام لم ينزل عنها حكم ما بعدها حِكم ، ليست القضية أنه هو أوقفها ونزل ، أو لمجرد أن وقفت نزل ، بل حتى يثبت موقف الناقة ، فما لبثت أن وثبت وانطلقت تمشي والنبي عليه الصلاة والسلام مُرخٍ لها زمامها ، ثم ما لبثت أن عادت أدراجها وبركت في مبركها الأول .

الـطبيب أحياناً يقيـس الضغط ، يعيده مرة ثانية للتثبُّت . فهذه الناقة لئلا يُظن أن النبي أوقفها ، ويظن أنه شدّ الزمام شدة سريعة ، لئلا يظن أن النبي له مصلحة في أن يقف عند هذا الصحابي ، بقي راكباً عليها وانطلقت ودارت ورجعت إلى مكانها الأول ، وبركت ، إذاً فالقضية مركزه ، الموقع اختاره الله عز وجل ، وهذا الموقع ماذا أصبح الآن أصبح مقام رسول الله ، والمسجد النبوي بني فيه القضية لها أثر كبير جداً ، عندئذ غمرت الفرحة فؤاد أبي أيوب الأنصاري ، وبادر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يرحب به ، وحمل متاعه بين يديه وكأنما يحمل كنوز الدنيا كلها ، ومضى إلى بيته ، هذا الإنسان العظيم حلّ ضيفاً عنده .

فهذا المنزل ، منزل متواضع ، منزل أبي أيوب الأنصاري يتألف من طبقة فوقها علية ، يعني غرفة صغيرة لكنها في الطبقة الثانية فأخلى العلية من متاعه ومتاع أهله ، لينزل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أن النبي عليه الصلاة والسلام رحمة بأصحابه آثر عليها الطبقة السفلى ، لأن الطابق الأرضي أسهل للصحابة عند لقائه والقدوم إليه ، فالباب خارجي والمنزل

أرضي وهذا فيه سهولة واضحة فامتثل أبو أيوب لأمره وأنزله حيث أمر . لذلك تجد العلماء يتنازعون أحياناً ، و الامتثال خير من الأدب فإذا وقع خلاف فالأدب هو الامتثال والامتثال أولى ، فالنبي الكريم ارتأى أن يكون في الطبقة السفلية ، في الطبقة الأرضية ، ولما أقبل الليل، وأوى النبي صلى الله عليه وسلم إلى فراشه ، صعد أبو أيوب الأنصاري وزوجته إلى العلية ، وما إن أغلقا عليهما بابهما حتى التفت أبو أيوب إلى زوجته وقال : ويحك ماذا صنعنا بأنفسنا أيكون النبي عليه الصلاة والسلام أسفل منا ، ونحن أعلى منه ، أنمشي فوق رسول الله، أنصير بين النبي وبين الوحي ، إنا إذاً لهالكون ، فما هذا التعظيم ؟ ماذا قال الله عز وجل:

أبو أيوب الأنصاري Image005
هذا الذي يعظم رسول الله ، يعظم المصحف ، يوقر ذا شيبة مسلم ، يوقر الكعبة فهذا يعرف الحق لأصحابه ، هناك أشخاص يستهينون بهذه المقدسات بينما تعظيم هذه المقدسات دليل إيمان الإنسان ، والأصل في ذلك قوله تعالى :

أبو أيوب الأنصاري Image005
وهنا نقف إزاء ملاحظة لا بد من بيانها :

أن الكفر أنواع ثلاثة : هناك كفر قولي ، وكفر اعتقادي ، وكفر سلوكي .

لو أن إنساناً أمسك بالمصحف وألقاه وأراد أن يهينه فقد كفر . هذا سيدنا أبو أيوب يقول : ماذا فعلت اليوم ؟ ماذا فعلنا بأنفسنا ؟ أنمشي فوق رسول الله ؟ أيكون النبي أسفل منا ؟ أنكون بينه وبين الوحي ؟ إن ذنب المنافق كالذبابة ، وذنب المؤمن كالجبل الجاثم فوق صدره ، كلما استصغرت الذنب كبر الذنب ، وكلما استعظمت الذنب صَغُر .

المؤمن يرى ذنبه كالجبل جاثم على صدره ، وغير المؤمن يستخف بذنوبه ولم تسكن نفسهما بعض السكون إلا حينما انحاز إلى جانب العلية ، الذي لا يقع فوق رسول الله ، والتزاماه لا يبرحانه إلا ماشيين على الأطراف متباعدين عن الوسط ، نام هو على طرف الحائط وزوجته على الطرف الآخر يعني ابتعدا عن مكان نوم النبي عليه الصلاة والسلام .

فلما أصبح أبو أيوب ، قال للنبي عليه الصلاة والسلام يا رسول الله : والله ما أُغمض لنا جفن هذه الليلة ، لا أنا ولا أم أيوب .

الملاحظة الثانية :

يعني من سعادة المرء أن تكون زوجته على نمط الزوج فأحياناً تجد الزوجة تعترض على زوجها هذا شيخك ؟ هذا شيخك ؟ تنزل دائماً بالشيخ ، فما عندها ولاء لزوجها ، أما الزوجة الصالحة ولاؤها كولاء زوجها يعني لها ولاء لدينه ، ولجامعه ، ولشيخه ، أم أيوب مثلها مثله تماماً . قال له : والله يا رسول الله ما أغمض لنا جفن في هذه الليلة لا أنا ولا أم أيوب .

فقال عليه الصلاة والسلام : ومما ذلك يا أبا أيوب ، خير إن شاء الله فقال : ذكرت أني على ظهر بيت أنت تحته ، وإني إذا تحركت تناثر عليك الغبار ، فالسقف ترابي ، فإذا تحرك أحد تناثر التراب ، فآذاك ، ثم إني غدوت بينك وبين الوحي .

فقال عليه الصلاة والسلام : اللهم صلِّ عليه كان طبيعياً ، قال له : هون عليك يا أبا أيوب ، إنه أرفق بنا أن نكون في السفلي ، لكثرة من يغشانا من الناس ، لا تهتم فالله عز وجل وضعه في آية فقال :

أبو أيوب الأنصاري Image006
( سورة ص : 86 ) .

الإسلام ليس فيه كهنوت ، يعني طقوس ، وتعظيم ، وتأليف . قال له : هون عليك يا أبا أيوب إنه أرفق بنا أن نكون في السفلي لكثرة من يغشانا من الناس ، لا تهتم يعني هَوّن عليك .

قال أبو أيوب : فامتثلت لأمر النبي عليه الصلاة والسلام ، إلى أن كانت ليلة باردة فانكسرت لنا جرة في العلية ، ووقعت مشكلة وأريق ماؤها في العلية وكانت مشكلة كبيرة جداً ، فقمت إلى الماء أنا وأم أيوب ، وليس لدينا إلا قطيفة كُنّا نتخذها لحاف ، وجعلنا ينشف بها الماء خوفاً من أن يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، اللحاف الوحيد ، الليلة باردة ، ما في غيره ، وضعوه فوق المياه ، حتى يمنعوا وصول الماء لسيدنا رسول الله .

هذا كله مسجل ، الأدب مسجل ، الحب مسجل ، والتضحية مسجلة والبذل مسجل ، والإنفاق مسجل . فلما كان الصباح ، غدوت على النبي صلوات الله عليه وقلت له : بأبي أنت وأمي إني أكره أن أكون فوقك ، هي ، وأن تكون أسفل مني ، ثم قصصت عليه خبر الجرة ، وهكذا صار معنا البارحة ، فاستجاب لي شو كمان النبي ، ما أحب أن يحرج أبا أيوب ، ما أحب أن يحمله فوق طاقته فوقف موقفاً ليناً .

النبي الكريم قال : رحم الله عبداً سهلاً ، قِس عليها إذا باع وإذا أشترى ، أو طُلب منه شيء ، المؤمن هين لين ، يألف ويؤلف ، كالجمل الأنف ينقاد سريعاً فلما رأى أبو أيوب في حرج شديد وفي ضيق ، وفي خوف ، قال له هون عليك ، فاستجاب النبي لي ، وصعد إلى العلية، ونزلت أنا وأم أيوب إلى الأسفل و ارتحنا وهدأت غلواء نفوسنا .

أقام النبي عليه الصلاة والسلام في بيت أبي أيوب نحواً من سبعة أشهر ، حتى تم بناء مسجده في الأرض الخلاء ، التي بركت فيها الناقة فأنتقل إلى الحجرات التي أقيمت حول المسجد له ولأزواجه ، فغدا جاراً لأبي أيوب ، معناها بيت أبي أيوب الأنصاري إلى جوار المسجد النبوي الشريف .

أما الآن إذا ذهبت إلى هذا المكان تجده غداً من أرقى الأبنية في العالم مساحات يتسع لمليون مصلٍ تقريباً ، فيه أعظم مشروع تكييف في العالم ، كله تعظيماً لهذا النبي الكريم .

وهذه نقطة ثانية أنه لما قامت الألفة ، بعد أن سكن النبي عند سيدنا أبي أيوب الأنصاري ، ورفرف شيء من الحب ، و مع الحب رفعت الكلفة ، تجد الناس قناصين ، لكن أبا أيوب منزّه عن ذلك . فالنقطة الدقيقة التي لفتت نظري ، أن هذه الإقامة عند سيدنا أبي أيوب الأنصاري ، أورثت لهذا الصحابي حباً للنبي منقطع النظير . والحقيقة أن الإنسان أحياناً يُحبُّ عن بعد ، فإذا سافرت معه تنكمش منه ، ما كنا عرفانين هيك لا حول ولا قوة إلا بالله .

قالوا : الإنسان إذا رأيته أول مرة تعرفه من شكله ، من هندامه من ألوان ثيابه ، فإذا تكلم نسيت شكله .

الأحنف بن قيس كما تعلمون كان قصير القامة ، أسمر اللون مائل الذقن ، ضيق المنكبين ، ناتئ الوجنتين ، غائر العينين ، أحنف الرجل ، ليس شيء من قبح المنظر إلا وهو آخذ منه بنصيب ، وكان مع ذلك سيد قومه ، إذا غضب غضب لغضبته مائة ألف سيف لا يسألونه فيم غضب ، وكان إذا علم أن الماء يفسد مروءته ما شربه .

فالإنسان إذا رأيته أول مرة ، تستنبط بعض خصائصه من هيئته ، من ثيابه أما إذا تكلم ، تنسى شكله ، فإذا عاملك تنسى كلامه فكلامه ينسيك شكله ومعاملته لك تنسيك كلامه ، فالبطولة أن على الإنسان ألا يحب عن بعد ، بل أن يحب عن قرب ، أن يحب وأنت شريكه وأنت مسافر معه ، هو جارك ، هو ضيفك ، أما من بعد ، كل إنسان ببيته ، بعلاقاته العامة ، أناقة ، واحترام، وكلام لطيف ، واعتذارات ودبلوماسيات ، وعبارات رقيقة ، أما المجاورة ،

أو السفر أو المحاككة بالدرهم والدينار ، فهذه هي المحكة بعض الأشخاص لهم هالة كبيرة جداً ، لو دخلت إلى حياتهم الخاصة ، لرأيت فرقاً شاسعاً بين أقوالهم وبين أفعالهم لذلك تنكمش منهم .

فسيدنا أبو أيوب عاش مع النبي في بيت واحد ، وعلى قرب شديد فماذا فعل به هذا القرب الشديد ؟ زاده حباً ، زاده تعلقاً ، زاده تعظيماً ، زاده إكباراً لكماله المؤمن تحبه عن قربٍ وعن بعدٍ ، تحبه من دون أن تخالطه ، وتحبه إذا خالطته تحبه من دون أن تسافر معه وتحبه إذا سافرت معه ، تحبه من دون أن تشاركه ، وتحبه إن شاركته .

أنا أتألم جداً عندما أرى أخوين بعد أن تشاركا تخاصما ، رغم كل هذا الحب وكل هذه المودة، لما دخلتما في شركة واحدة بدأت الخصومات والحسد ، والانتقادات ، لماذا ؟ لضعف إيمان أحدهما ، أو لضعف إيمان كليهما بالعلاقات الحميمة يزداد تألق المؤمن ،وكذلك في السفر ، ومع الجوار ، إن سكن معه في بيت واحد ، ازداد الحب ، والتعلق ، والشوق ، حتى رفعت الكلفة .

والنبي عليه الصلاة والسلام يعني قائد فذ صديق حميم ، وأب رؤوف وزوج ناجح ، كان إذا دخل صحابي يداعبه هذا خالي أروني خالاً مثل خالي ، اِرمِ سعد سعد فداك أبي وأمي .

فالنبي الكريم أقام في هذا البيت سبعة أشهر ، وكأن هذا البيت بيته ، ورفعت الكلفة بينهما إلى ما لا نهاية .

لذلك يا إخوان أجمل شيء في الحياة ، وأنا لا أبالغ في مقالتي أجمل شيء أخ لك مؤمن ، تخلص له ويخلص لك ، تحبه ويحبك تؤثره ويؤثرك ، تضحي من أجله ويضحي من أجلك ، تقرضه ويقرضك ، تعينه ويعينك ، تشعر بمشاعره ، تتألم لآلامه ، تفرح لأفراحه ، هذا حال المؤمنين . هكذا قال النبي :

المؤمنون بعضهم لبعض نصحه متوادون ولو ابتعدت منازلهم والمنافقون بعضهم لبعض غششة متحاسدون ولو اقتربت منازلهم .

قال لي أخ كان مع جماعة مؤمنين قال لي والله ما ارتحت معهم ، ليش ؟ قال لي ما رأيت اثنين متحابين ليس معقولاً أيكونون مؤمنين ، وليس بينهم حب أبداً ؟ كل واحد ينتقد الآخرين ، فعلامة أهل الإيمان أنهم يحبون بعضهم حباً حقيقياً ، ومع الحب رفع الكلفة ومع الحب الوفاء، ومع الحب التضحية ، ومع الحب التعاون .

أبو أيوب الأنصاري Image007
سيدنا أبو أيوب ، بعد أن انتقل النبي إلى بيته المجاور للمسجد النبوي وهو يرى أن كل سعادته بإكرام النبي ، كل سعادته كانت أساسها ، أن الله أكرمه بأن جعل النبي ضيفه ، فهذا الخير كأنه انقطع ، فأحبّ أن يستمر الخير فكان يعد له كل يوم طعاماً ، على الطريقة القديمة .

و النبي الكريم قال : إن الله يحب من الأعمال أدومها وإن قل ، أو أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل . فإذا أنت صليت قيام الليل فاستمر ، وإن خصصت مبلغاً كل شهر صدقة فاستمر ، الأعمال المستمرة ، تتراكم ، ومع التراكم تتعاظم ، ومع التعاظم تحملك إلى الله عز وجل ، لكن بعضهم يهب هبة ثم ينطفىء يفور ويهمد ، هذا ليس من صالح المؤمن ، أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل .

إن كان لك عمل صالح فاستمر عليه ، تقصد هذا المسجد استمر عليه لك هذه الصدقة استمر عليها ، لك هذا الجزء من القرآن تقرؤه كل يوم أستمر عليه ، لك هذا الذكر استمر عليه .

سيدنا أبو أيوب لما النبي انتقل إلى بيوته التي حول المسجد ، كان يعيش في خير ما بعده خير، كان يعيش في سعادة ما بعدها سعادة لذلك كان يعد للنبي طعاماً كل يوم .

فمرة طرق النبي الكريم مع سيدنا الصديق وسيدنا عمر باب داره ـ بالمناسبة يعني النبي جاع، وكان فقيراً ، ولأن النبي قدوة للمؤمنين جميعاً إلى يوم القيامة لابد من أن يذوق كل شيء ، ولو أن النبي ما ذاق الجوع إطلاقاً ، وما ذاق الفقر إطلاقاً ، فلا يمكن أن يكون قدوة لنا لكن ذاق الجوع ، وذاق الفقر .

قال : أوذيت وما أوذي أحد مثلي ، وخفت وما خاف أحد مثلي ومضى علي ثلاثون يوماً ، لم يدخل جوفي إلا ما يواريه إبط بلال .

فيبدو أن النبي لم يكن عنده طعام ، فانطلق إلى بيت أبي أيوب ، ماذا فعل أبو أيوب ؟ كان يعمل في نخلٍ قريب ، فأقبل يسرع ويقول مرحباً برسول الله والله ترحيب الأخ أغلى من طعامه ، أهلاً وسهلاً ، أنورَتْ ، أنور البيت ، أكرمتنا بهذه الزيارة ، الترحيب ضيافة يا أخوان ، الترحيب الشديد من صفات المؤمن .

فهذا سيدنا أبو أيوب قال له مرحباً برسول الله ، وبمن معه أحياناً تهتم بالضيف الأول وتهمل الباقين ، فيستحون بحالهم لأن المضيف لم يلتفت إليهم ، تفضل ويهمل الآخرين ! انتبه يا أخي فمع ضيفك اثنان آخران ، رحب بهم جميعاً .

قال له : مرحباً برسول الله وبمن معه وهذا هو الأدب ، توزع اهتمامك على الكل ، ترحيبك بالكل ، ضيافتك للكل ، عنايتك بتوزيع الطعام للكل .

سبحان الله بالمدينة المنورة أخٌ دعانا إلى غذاء ، من أهل المدينة لفت نظري أنه ما أكل معنا أبداً ، بقي واقفاً يقدم لنا الطعام ، هذه من سنة النبي اللهم صلِّ عليه ، فالشدة الترحيب والإكرام ، يقف ويوزع الطعام بيده ، على كل واحد من المدعوين .

أنطلق أبو أيوب إلى نخلة ، فقطع منها عرقاً فيه تمرٌ ورطبٌ ، وبسرٌ ، البسر يعني تمر لم ينضج بعد ، قد يبيعون في الطريق بلحاً ، على العذق يعني معلقاً بعناقيد ، لونه بلحي ، فقال عليه الصلاة والسلام : ما أردت أن تقطع يا أبا أيوب ، هلا جنيت لنا من ثمره ، قال يا رسول الله أحببت أن تأكل من تمره ورطبه وبسره فكل ما تشتهي نفسك بسراً أو رطباً أو تمراً يا رسول الله ، ولأذبحن لك أيضاً ، قال إن ذبحت ، فلا تذبحن ذات لبن .

وفي أيامنا هذه قد يكون أحد جائعاً ولا يقبل ضيافة مضيفه ويقول : قبل قليل أكلت ، هذا لا معنى له وهو من الكلام الفاضي ، أنت جائع وهو أحب أن يكرمك ، قل له : ضع لنا أكلاً ، ما في مانع ، يعني الكريم ما من كلمة أحب إلى قلبه من أن يقول له الضيف ، ضع لي طعاماً، لكن بلا تكلف.

أمرنا ألا نتكلف المفقود ، يا عائشة لا تتكلفي لضيفك فتملي ألغِ التكلف ، لا نبخل بالموجود ، ولا نتكلف المفقود . قال له ولأذبحن لك شاة يا رسول الله ، قال له إن ذبحت فلا تذبحن ذات لبن ، فأخذ أبو أيوب جدياً ، فذبحه ، ثم قال لامرأته اعجني واخبزي لنا أنتِ أعلم بالخبز ، ثم أخذ نصف الجدي فطبخه ، وعمد إلى النصف الآخر فشواه ، فلما نضج الطعام ، ووضع بين يدي النبي وصاحبيه ، أخذ النبي قطعة من الجدي ، ووضعها في رغيفٍ فقال : يا أبا أيوب بادر بهذه القطعة إلى فاطمة فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام .

فالمؤمن وفيّ لأهله ، واليوم إخوان مؤمنون كثيرون إذا دعي لطعام نفيس ، ففي اليوم التالي يجلب للبيت طعاماً مثله لأهله يعني هذه زوجتك ، وشريكة حياتك ، فان أكلت أنت ما لذّ وطاب وهي محرومة ، فهذا شيء لا يليق بالزوج أبداً .

فقال له يا أبا أيوب بادر بهذه القطعة إلى فاطمة فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام ، فلما أكلوا وشبعوا قال النبي عليه الصلاة والسلام خبزٌ ، ولحمٌ ، وتمرٌ ، وبسرٌ ، ورطبٌ ، ودمعت عيناه.

يعني أحدنا إذا أكل صباحاً ، وكان على المائدة لبن مصفى ، وزيتون وجبن وبيض مقلي ، وصحن سلطة مثلاً ، وكأس حليب مع نسكافة ، فلا يبكي ، أو لا تدمع له عين شكراً على ما أنعم الله عليه ، لكن النبي بكى ، ثم عند الظهر طبخ وفواكه وحلويات ، وأكل طيب ، والمؤمن كلما ارتقى إيمانه يخجل من الله ، فالنبي الكريم كانت تعظم عنده النعمة مهما دقت .

ككأس ماء مثلاً ، حتى لو أنه قضى حاجته ، قال : الحمد لله الذي أذاقني لذته ، وأبقى في قوته ، وأذهب عني أذاه .

هذا المؤمن ، المؤمن دائماً مع الله ، في طعامه وشرابه ، فلما أكلوا وشبعوا قال النبي الكريم خبزٌ ، ولحمٌ ، وتمرٌ ، وبسرٌ ، ورطبٌ ودمعت عيناه ثم قال : والذي نفسي بيده ، إن هذا هو النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة . أكلت وموّنت يعني كلكم تعرفون ماذا في بالبلد ، وماذا به من خيرات إذا الإنسان أكل قطعة جبن مع كأس شاي ، وصحة طيبة ، فهذه أكبر نعمة فإذا أصبتم مثل هذا ، فضربتم أيديكم فيه فقولوا بسم الله ، سَمّوا الله . لأن الشيطان إذا دخل إنسان لبيته وما سلم ، قال الشيطان أدركتم المبيت ، وطول الليلة مناقرة ، وخبط أبواب وتكسير ، وسباب بين الزوجين ثم ضرب وصراخ ، ثم غادرت بيتها لبيت أهلها ، و الشيطان نام عندهم، فالزوج دخل البيت ولم يسلّم ، سلم يا أخي ، سلم ، وقل السلام عليكم يهرب الشيطان، إذا الشيطان رأى أن هذا الرجل دخل ولم يسلم ، قال أدركتم المبيت فإذا جلس للطعام ولم يسمِ قال : أدركتم العشاء ، فإذا دخل ولم يسلم وجلس للطعام ولم يسمِ قال : أدركتم المبيت والعشاء . فالخنايق بالبيوت ، وعياط وشياط ، وكلها أساسها البعد عن الله عز وجل .

قال : فإذا شبعتم فقولوا الحمد لله الذي أشبعنا وأنعم علينا فأفضل ، ثم نهض النبي إلى أبي أيوب ، وقال ائتنا غداً لنكافئك ، و النبي الكريم قال : من أسدى إليكم معروفاً فكافئوه.

سيدنا أبو أيوب عاش طوال حياته غازياً ، حتى قيل إنه لم يتخلف عن غزوة غزاها النبي أبداً، وكانت الآية الكريمة ، شعاراً له :

أبو أيوب الأنصاري Image008
سيدنا أبو أيوب في عهد معاوية بن أبي سفيان رحمه الله تعالى ورضي عنه ، انخرط في جَيَّش جيشه معاوية بقيادة ابنه يزيد لفتح بلاد الروم كم كان عمره في ذاك الوقت ؟ ثمانون عاماً .

بينما في أيامنا الرجل بالأربعينات معه حزمة أدوية ، قبل الطعام وبعده ، هات أسبرين ، وهات سكرين وهات .... ثمانين سنة ، عاش هذا الصحابي الجليل ، وعاش مجاهداً ، يبدو أنه أصابه مرض في هذه الغزوة ، كان قائد الجيش يزيد بن معاوية فخف إليه القائد ، قال له يا أبا أيوب ما حاجتك ـ استمعوا ما حاجة أبا أيوب الأنصاري ـ فطلب أبو أيوب الأنصاري من يزيد إذا هو مات أن يُحمل جثمانه فوق فرسه ويمضي به أطول مسافة ممكنة في أرض العدو ، أبعد مسافة ممكنة ، في أرض العدو ، ويدفن هناك ثم يزحف بجيشه على طول هذا الطريق ، حتى يسمع أبو أيوب وهو في قبره وقع حوافر خيل المسلمين فوق قبره ، عندئذ يدرك أنهم قد أدركوا ما يبتغون ، من نصر وفوز ، وهذه أمنيته . سيدنا عمر بن الخطاب ، حينما قتل ، وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة ، سأل سؤالاً ، قال أصلّى المسلمون الفجر ؟

أما هذه الأيام اسأل طبيباً ، يشاهد حالات موت أحياناً ، فيسمع المريض : أين السيارة موجودة لا تخف ، فيها محفظة فلوس ، لا تخف موجودة ، فهو قلق على سيارته ، وعلى فلوسه ، وعلى بيته وعلى ممتلكاته المنقولة وغير المنقولة ، سيدنا عمر قال لهم : أصلّى المسلمون الفجر ؟

سيدنا أبو أيوب قال له : امضِ بجثماني إلى أبعد مكان في أرض العدو وادفني هناك ، ثم تابعني بالجيش لأسمع وقع حوافر خيل المسلمين حتى أموت مطمئناً إلى أنكم وصلتم إلى هذه الأماكن ، وهذه أمنيته وقد تحققت ، وقبره معروف ضمن استنبول ، حتى الحي المدفون فيه له أسم شهير ، من يذكره ؟ له أسم بالتركي مشهور جداً ، مكان دفن هذا الصحابي في هذه المدينة ، طبعاً يزيد بن معاوية أنجز وصية أبي أيوب وقبره في قلب القسطنطينية وهي اليوم استنبول ، وتضم جثمان هذا الرجل العظيم ، أما الشيء الغريب ، أنه قبل أن تفتح القسطنطينية وتغدو استنبول كان الروم يتعاهدون قبره ، ويزورنه ، ويستسقون بقبره إذا قحطوا .

فأعداء المسلمين كانوا يتبركون به ، أنا أعرف يقيناً أنه ما من رجل أوربي زار دمشق إلا وطلب زيارة قبر سيدنا صلاح الدين ، ويقف هؤلاء باحترام كبير أمامه ، لأنه عاملهم أشرف معاملة ، لما انتصر عليهم ، في بيت المقدس .

من أقوال سيدنا أبي أيوب : إذا صليت فصلّ صلاة مودع ، هذا الحديث عن رسول الله أما سيدنا أبو أيوب كان يتمثله دائماً ، إذا صليت فصلّ صلاة مودع ولا تكلمن بكلام تعتذر منه ، وتمام النصيحة هي : الزم اليأس مما في أيدي الناس ، يحبك الناس ، إياك وما يعتذر منه ، صلّ صلاة مودع إياك وما يعتذر من ، استقم يعني ، استقامة كاملة ، وحسن صلاتك ، ولا تطمع بما عند الناس هذه كلها من نصائح هذا الصحابي الجليل ، التي كان يأخذها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وكل واحد رأى ملايين الأتراك المسلمين ، والأعداد الكبيرة منهم في الحج ، وهذا كله من بركات هذا الفتح الإسلامي لهذه البلاد . ولنا أخوان من الصين ، أين الصين ؟ سألت أخاً زارني منذ يومين قال لي أنا من الشمال ، الشمال الشرقي ، من الصين ، رحمه الله أولئك الفاتحين إذ آلاف الكيلومترات بين الشام وبين الصين ، ورغم بعد المسافة وصلوا غليها وفتحوها ، و أرجو الله سبحانه وتعالى أن ننتفع من هذه الدروس ، وأن يكون هؤلاء الصحابة قدوة لنا ، وأن نقتدي بهداهم ، فهم الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه .

والحمد لل
ه رب العالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أبو أيوب الأنصاري
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
www.mohammad.com :: قسم لاسلامي :: منتدى القران الكريم والسنة النبوية-
انتقل الى: